تخطى إلى المحتوى

التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات

    عندما احتدّت مشكلة بين زوجين مقيمين في دبي ولم تُفضِ إلى تفاهم، لجآ إلى خيار «التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات». فقد كانا يطلبان وسيلة أسرع وأكثر مرونة من القضاء التقليدي، وذلك بعد الاطلاع على مواد ‎قانون الأحوال الشخصية الجديد‎، وطلب استشارات قانونية في الإمارات حول جدوى التحكيم في هذا المسار.

    هذا المقال يقدّم شرحاً مفصّلاً حول مفهوم التحكيم في الأحوال الشخصية ضمن الإمارات، مع استعراض للتشريع، والحدود، ونصائح عملية، ودور المحامي.

    انقر على زر الواتساب أسفل الشاشة للتواصل مع محامي أحوال شخصية بالإمارات.

    الإطار التشريعي للتحكيم في الإمارات

    على الرغم من أن التحكيم يُستخدم عادة في المنازعات التجارية، إلا أن في مجال الأحوال الشخصية ظهرت آليات تشريعية تسمح بتدخل ما يُعرف «التحكيم» أو «التحكيم العائلي/الأسري» قبل أو بجانب القضاء.

    1. ينظّم التحكيم التجاري في الإمارات بواسطة Federal Law No. 6 of 2018 on Arbitration «قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018» الذي أُدخل إطاراً عاماً للتحكيم داخل الدولة. يُطبّق عادة في المنازعات المدنية والتجارية.
    2. في مجال الأحوال الشخصية، أُصدر Federal Decree‑Law No. 41 of 2024 on the Issuance of the Personal Status Law «قانون الأحوال الشخصية الجديد» الذي في مواده قد نصّ على دور المحكّمين أو المُصالِحين/المقرّرين العائليين. (المادة 72 وما بعدها)

    لذا، حينما نناقش «التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات» فإننا نعني آلية التوفيق أو التوفيق التحكيمي بين الزوجين أو الأطراف الأسرية ضمن إطار الأحوال الشخصية، وليس التحكيم التجاري التقليدي فحسب.

    ما هي حدود التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات؟

    يتجلّى حدود تطبيق التحكيم في الأحوال الشخصية ضمن النقاط التالية:

    • وفق المادة 72 من قانون الأحوال الشخصية (2024)، إذا استثنى القاضي التوفيق المعتاد وطلب أحد الزوجين تعيين محكّمين أو معقّلين، فيُعيَّنان داخل فترة لا تتجاوز 60 يوماً.
    • لكن هناك مسائل يُنظر إليها على أنها «غير قابلة للتحكيم» أو أن اللجوء للتحكيم لا يُعفي من الاختصاص القضائي، مثل النفقة الأساسية، الحضانة النهائية، أو المسائل التي تبتّها الشريعة الإسلامية أو مصالح الطفل الجوهرية. (مبدأ: «ما لا يقبل التسوية أو التحكيم يخضع للقضاء»)
    • بمعنى آخر، لا يمكن تحويل الأمر كلياً إلى جلسة تحكيم دون إشراف القضاء إذا كان الأمر يمسّ قضايا جوهرية من الأحوال الشخصية (مثل الطلاق بملف جماعي أو مسائل إرث معطّلة).
    • ولذلك، يُعد خيار «التحكيم في الأحوال الشخصية» أداة مساعدة أو تكميلية وليس بديلاً مطلقاً عن القضاء في كل الحالات.

    خطوات عملية للتحكيم في الأحوال الشخصية

    قبل أن يبدأ الأطراف مسار التحكيم في قضايا الأحوال الشخصية، يُنصح باتباع الخطوات التالية لضمان السير السليم:

    • التأكّد من أن الطرفين وافقا كتابة أو عبر بيان المُحكمة على خيار التحكيم أو تعيين المحكّمين ضمن الإجراءات القضائية.
    • تقديم طلب إلى المحكمة أو الجهة المختصة بقسم الأحوال الشخصية طالباً تعيين محكّمين أو مُصالِحين ضمن مهلة محددة.
    • تعيين المحكّمين وفقاً لما نصّت عليه المادة 72 من قانون الأحوال الشخصية (2024)، بحيث يخضعان لأداء القسم، ويُحدد لهما جدول زمني (لا يتجاوز 60 يوماً).
    • جلسات التحكيم/المصالحة: يستمع المحكّمان إلى الزوجين، يُقوّمان الأسباب، يحاولان التوفيق. إذا نجحا – يُحرّران تقريراً أو توصية ترسل للقاضي.
    • إذا لم تنجح محاولة التوفيق، يُقدّم المحكّمان تقريراً للقاضي ويفعل القرار القضائي بناءً عليه (مثل الطلاق أو فسخ العقد).
    • بعد صدور القرار القضائي أو حكم التنفيذ، يُنشر المحكم أو يُعترف به، ويُستكمل المسار التنفيذي أو التصديق القضائي بحسب نوع القرار.

    مزايا التحكيم في الأحوال الشخصية

    اختيار «التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات» يجلب عدداً من المزايا، منها:

    • سرعة أكبر في المسارات التقليدية: بما أن المحكّمين يحدّدان جلسات مرنة، يمكن بلوغ تسوية أسرع.
    • خصوصيّة أكبر: غالباً تتم خارج القاعة القضائية العامة، ما يحفظ سمعة العائلة والزوجين.
    • مرونة في الحلول: المحكّمان يمكنهما اقتراح حلول توافقية مبيّنة تراعي ظروف الأطراف والأسرة، وليس فقط قراراً قضائياً صارماً.
    • خفض التوتر والعدائية: المقاربة التوفيقية والتحكيمية تتيح بيئة أقلّ عدائية، ما قد يخدم مصلحة الأطفال والعلاقات الأسرية المستمرة.

    مخاطر التحكيم في قضايا الأحوال الشخصية

    لا يخلو خيار التحكيم من مخاطر، منها:

    • عدم ضمان التنفيذ تلقائياً: إذا لم يدعم القرار القضائي تصديقاً أو كانت هناك اعتراضات، فقد يستغرق التنفيذ وقتاً أطول أو يواجه عراقيل.
    • حدود الاختصاص: بعض المسائل في الأحوال الشخصية لا يمكن تحويلها للتحكيم، مثل المسائل التي تمثل صلب الشريعة أو مصلحة الطفل الحصرية، فوجود خيار التحكيم لا يعني قبوله من المحكمة تلقائياً.
    • انخفاض رقابة القضاء: في بعض الحالات، قد يكون القرار أقلّ رقابة قضائية، ما قد يخشى منه طرفٌ بأنه لا يحمي حقوقه مثل الحضانة أو النفقة بشكل كافٍ.
    • تكلفة مالية ومعنوية: رغم المرونة، فإن اختيار محكّمين وتقديم المستندات وجلسات التحكيم قد يحمل تكلفة، وتوقيتاً وإدارة قضائية قد تختلف مقارنة بالدعوى المباشرة.

    نصائح قانونية للأطراف قبل اختيار التحكيم في الأحوال الشخصية

    لضمان حماية الحقوق عند اعتماد «التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات»، يوصى بما يلي:

    • توثيق موافقة الأطراف كتابة على التحكيم أو على آلية اختيار المحكّمين.
    • التأكد من أن المسألة قابلة للتحكيم فعلياً (راجع الاختصاص القضائي ونوع النزاع) ولا تقع ضمن استثناءات المحكمة.
    • اختيار محكّمين ذوي خبرة في الأحوال الشخصية والصلح الأسري، ووضوح في الأتعاب والمهام.
    • عقد اتفاق تسوية بين الطرفين (إن أمكن) يحدد الحقوق والواجبات، ويعرض للمحكمين أو المحكمة للموافقة.
    • استشارة محامٍ متخصص في هذا النوع من القضايا قبل الدخول في التحكيم: لتقييم الجدوى، المخاطر، وتوقّع النتائج، أي طلب استشارات قانونية في الإمارات متخصصة قبل البدء.
    • التأكد من أن القرار التحكيمي يمكن تحصيله أو تنفيذه بما لا يقل عن القرار القضائي، ومعرفة الإجراءات اللازمة للتصديق أو التنفيذ أمام المحكمة.

    ما هو دور المحامي في التحكيم بالأحوال الشخصية؟

    يقوم المحامي بدور محوري عند اختيار التحكيم في الأحوال الشخصية:

    • يقدم تقييمًا قانونياً أولياً لجدوى التحكيم مقابل اللجوء للمحكمة، ويحدد حدود الاختصاص والتكاليف والنتائج المحتملة.
    • يساهم في صياغة اتفاق التحكيم أو طلب التعيين لمحكّمين، ويضمن أن الاتفاق يتماشى مع القانون الاتحادي والمحلي.
    • يدير جلسات التحكيم بالنيابة عن موكّله: تحضير المستندات، المرافعات، التمثيل أمام المحكّمين، وضمان حق الدفاع.
    • يراقب تنفيذ القرار التحكيمي أو توصية المحكّمين، ويدعم الإجراءات لدى المحكمة إن استدعت عملية التصديق أو التنفيذ.
    • يحمي مصالح الطفل أو أحد الطرفين (في مسائل مثل الحضانة، النفقة، الرؤية) ويوضح الآثار القانونية والمالية قبل وبعد التحكيم.

    الأسئلة الشائعة

    لا، لا يجوز تنفيذ الطلاق أو الفسخ مباشرة عبر التحكيم. يجب أن تعتمد المحكمة الشرعية توصية المحكمين أولاً وتصدر حكمها بناءً عليها.

    يمكن تحكيم النزاعات المالية بين الزوجين، الشقاق الزوجي، خلافات الانفصال، أو الحقوق التعاقدية، بشرط عدم مساسها بحقوق الطفل أو الأمور غير القابلة للتنازل.

    يُطلب التصديق بعد تقديم تقرير المحكمين إلى القاضي خلال المدة المحددة. القاضي يراجع التقرير ويصدر حكمًا نهائيًا باعتماد القرار أو رفضه.

    لا يمكن البت في مسائل الحضانة والرؤية من خلال التحكيم فقط. يجب أن تظل تحت رقابة المحكمة لضمان مصلحة الطفل الفضلى.

    وفق المادة 74 من قانون الأحوال الشخصية، على المحكمين في قضايا الأحوال الشخصية تقديم تقريرهم خلال 60 يومًا، وقد تمدد المدة بموافقة القاضي. ثم تُصدر المحكمة قرارها خلال فترة وجيزة.

    إن خيار التحكيم في الأحوال الشخصية في الإمارات أصبح أداة قانونية حديثة ضمن سياسة الإصلاح في النظام العائلي. ومع ذلك، فهناك حدود ومسؤوليات وقائية ينبغي الاطّلاع عليها، لذا يُوصى دائماً بالاستفادة من استشارات متخصّصة ومحامٍ معتمد قبل الإقدام على هذا الخيار. ندعوكم للتواصل عبر زر الواتساب أدناه مع مكتبنا القانوني لطلب استشارة حول ما إن كان خيار التحكيم مناسباً لحالتكم وما الخطوات الأمثل.

    تنويه قانوني: هذا المقال للتثقيف فقط، ولا يشكّل مشورة قانونية. يرجى استشارة محامٍ مرخّص في دولة الإمارات العربية المتحدة لتقييم وضعكم القانوني بدقة.

    وللمزيد يمكنك الاطلاع على أحكام نقض أحوال شخصية في الإمارات، بالإضافة إلى شهادة الشهود في قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، وأيضًا محامي احوال شخصية في دبي: كيفية التواصل والخدمات.


    المصادر:

    لديك استشارة قانونية؟
    تواصل مع محامي